کد مطلب:280418 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:200
بولس والتبشیر بالنبی الخاتم
بعد أن ألغی بولس الشریعة. ودفع بالقافلة إلی حیث لا ضابط لها فیما تفعل أولا تفعل. وترتب علی هذا ظهور الكثیر من الأحبار والرهبان لیشرعوا للناس ویأكلوا أموال الناس بالباطل. وظهور الكثیر من الفرق التی اتخذت عقیدة أرض المیعاد وثقافتها وقودا لها. وكان الحی النصرانی هو الأرض الخصبة لهذه الفرق. نظرا لوجود الحی الیهودی مع الحی النصرانی تحت سقف واحد ینتمی إلی بنی إسرائیل بالاسم.
وبولس قام بالتعتیم علی نبوة الرسالة الخاتمة. من خلال تصوره لعقیدة میراث بنی إسرائیل. بمعنی أنه تتبع المیراث من عند بدایته. ومن عند البدایة ضرب الخط الذی یبعث الله منه النبی الخاتم صلی الله علیه وآله وسلم. والوعد جاء ذكره فی التوراة علی النحو التالی فی ذلك الیوم قطع الرب مع إبرام میثاقا قائلا: لتلك أعطی هذه الأرض من نهر مصر إلی النهر الكبیر نهر الفرات. [1] .
ویقول بولس فی هذا الوعد فإنه قد كتب إن إبراهیم كان له إبنان. أحدهما من الجاریة. والآخر من الحرة. أما ابن الجاریة فقد ولد حسب الجسد. وأما ابن الحرة فإتماما للوعد [2] وابن الجاریة الذی یقصده بولس. هو إسماعیل بن إبراهیم علیهما السلام وأمه هاجر علیها السلام. ومن ذریته بعث النبی الخاتم صلی الله علیه وآله وسلم. أما ابن الحرة الذی یقصده بولس. فهو إسحاق بن إبراهیم علیهما السلام. وأمه سارة علیها السلام، ومن أبنائه یعقوب ومن ذریته بعث الله أنبیاء بنی إسرائیل علیهم السلام.
[ صفحه 193]
وبولس وهو یصیغ منهجه للتعتیم علی النبوة الخاتمة، راعی أن یكون الحی النصرانی خادما للحی الیهودی، بمعنی أنه قام بتحویل الدعوة المسیحیة من السیر إلی الأمام إلی السیر نحو الخلف بلا سراج ینیر، حتی تقف المسیرة عند الوراء أمام لوحة میراث بنی إسرائیل، ولا تملك المسیرة إلا أن تكون خادمة لهذا العنوان، وعلی امتداد هذه الخدمة یتم صحن كل شئ فی خدمة الحی الیهودی بما فی ذلك آیات التبشیر بالنبوة الخاتمة.
لقد جرد بولس الحی النصرانی من الشریعة التی یتمسك بها الحی الیهودی، وعلی هذا یصبح لا معنی وراء اعتناق الیهودی للنصرانیة التی حررها بولس من الشریعة، ولأن النصرانیة التی أسسها بولس تعمل تحت سقف الحی الیهودی. فإن وجود النصاری تحت هذا السقف یكون له معنی بأی صورة من الصور، وبولس نفسه یقول لی رجاء بإن یحقق الله ما وعد به آباءنا. وما زالت أسباط شعبنا الاثنی عشر تواظب علی العبادة لیل نهار راجیة تحقیقه. [3] وقد علمنا من قبل أن الأسباط الاثنی عشر تخص الحی الیهودی، وأن التلامیذ الاثنی عشر یخصوا دعوة المسیح فإنهم ذلك.
ودفع القافلة النصرانیة لخدمة الأهداف الیهودیة. نراها فی أصول بولس التی تتحدث عن المیراث وتضرب من خلاله آیات التبشیر بالنبوة الخاتمة. ومن ذلك قوله قد سمعتم بتدبیر نعمة الله الموهوبة لی لأجلكم. كیف كشف لی السر عن طریق الوحی. كما كتبت قبلا بإیجاز. ویمكنكم حینما تقرأون ما كتبته أن تدركوا اطلاعی العمیق علی سر المسیح. ذلك السر الذی لم یطلع علیه بنو البشر فی الأجیال الماضیة مثلما أعلن اللآت بوحی الروح لرسله القدیسیین وأنبیائه، وهو:
[ صفحه 194]
أن الأمم هم شركاء الیهود فی المیراث وأعضاء فی الجسد معهم. ولهم أیضا حق الاستفادة من الوعد. وذلك فی المسیح یسوع. وبفضل الإنجیل الذی صرت أنا خادما له. [4] .
فالسر العمیق بإیجاز شدید. هو أن الأمم الذین هم بلا شریعة.
یمكن أن یكون لهم نصیبا فی المیراث إذا وقفوا مع النصاری وهم أیضا بلا شریعة. تحت سقف المسیح الذی حرر الناس من لعنة الشریعة إذ صار لعنه عوضا عنهم. لأنه قد كتب: ملعون كل من علق علی خشبة.
فلكی تصل بركة إبراهیم إلی الأمم. لا بد أن یكون ذلك عن طریق قبول المسیح. [5] وقبول المسیح من شروطه قبول الإنجیل الذی صار بولس خادما له. ومن المعلوم أن بولس لم یصاحب المسیح علیه السلام ولم یشر فی رسائله أنه رآه أو تحدث معه أو شاهد معجزاته علی عهد ا لدعوة.
ولما كان الیهود علی امتداد مسیرتهم یتمسكون بعقیدة الشعب المختار أی الشعب ذو الدماء النقیة الذی یرث الأرض التی كتبها الله لإبراهیم، فإن بولس ألحق النصاری بنسل إبراهیم ولكن عن طریق آخر هو طریق الروح، فقال وقد وجهت الوعود لإبراهیم ونسله. ولا یقول وللأنسال كأنه یشیر إلی كثیرین، بل یشیر إلی واحد، إذ یقول ولنسلك یعنی المسیح [6] ثم یقول لاتباعه وهو یلحقهم بنسل المسیح وأما أنتم أیها الأخوة، فأولاد الوعد علی أمثال إسحاق، ولكن لما كان فی الماضی المولود بحسب الجسد یضطهد المولود بحسب الروح، فكذلك أیضا یحدث الآن، إنما ماذا یقول الكتاب؟، اطرد الجاریة
[ صفحه 195]
وابنها. لأن ابن الجاریة لا یرث مع ابن الحرة. إذن أیها الأخوة نحن لسنا أولاد الجاریة بل أولاد الحرة. [7] .
ولقد خلط بولس بین الأوراق عندما قال: ولفظة هاجر. تطلق علی جبل سیناء فی بلاد العرب، وتمثل أورشالیم الحالیة فإنها مع بنیها فی العبودیة، وأما الثانی. فرمزه الحرة التی تمثل أورشالیم السماویة.
التی هی أمنا. [8] .
فمنهج بولس فیما یختص بالمیراث، أثبت للیهود الحق فیه، لأنهم أولاد یعقوب بن إسحاق، وهم أصحاب شریعة موسی والأنبیاء، والحی النصرانی له الحق فی الوعد علی أمثال إسحاق. لأنه ینتسب إلی المسیح بالروح. كما یقول الإنجیل الذی صار بولس خادما له، والحی الیهودی مع الحی النصرانی فی عقیدة بولس. لا یمثلان أورشالیم التی یتجول فیها بولس وجمیع فرق بنی إسرائیل. فأورشالیم التی لعن الله أهلها الذین قتلوا الأنبیاء وجعلوا بیته فیها مغارة لصوص، وجاءتها البعوث من كل مكان لتدمر ما فیها وتسبی أهلها. بعد أن عبدوا البعل وأقاموا المرتفعات للآلهة المتعددة، أورشالیم هذه لا تخص إلا هاجر وولدها إسماعیل وذریته العربیة كما تقول عقیدة بولس، أما ما یخص بولس وأتباعه فهی أورشالیم السماویة. أورشالیم الجدیدة التی جاء ذكرها فی أسفار الأنبیاء كما ذكرنا. ومن أوصافها أرضها مربعة طولها یساوی عرضها. وهی متساویة الطول والعرض والارتفاع. [9] وقال مفسرو العهد الجدید: هی مكعبة، ولن یدخلها شئ نجس ولا ما
[ صفحه 196]
یصنع رجاسة أو كذب. [10] وأرضها أرض جدیدة لا بحر فیها. [11] .
ویطل علیها جبل ضخم عال. [12] ولا یوجد بها هیكلا،. [13] وبنزول أورشالیم من عند الله یكتب الله علیها اسمه الجدید. [14] ویصیر بیت الله وسط الناس. [15] وذكر سفر الرؤیا أن المبعوث إلی أورشالیم الجدیدة هو الشاهد الأمین الصادق. [16] .
ففی عقیدة بولس أن أورشالیم هذه لا تخص هاجر وولدها. وإنما تخص بولس وأتباعه (!!). ونتیجة لخلط الأوراق حدث الضلال علی امتداد المسیرة، ولم یجنی الحی النصرانی إلا السراب الذی لا یروی ظمأ ولا یسمن ولا یغنی من جوع، وبتأمل أحداث آخر الزمان نجد أن المسیرة النصرانیة التی زودها بولس بوقوده لتكون فی خدمة الأهداف الیهودیة، ستكون معلقة فی الهواء. حیث لا أرض طالت ولا سماء، بینما یكون الیهود فی هذا الوقت تحت قیادة أمیر السلام ابن داوود ینعمون بما لدیهم من مادة ومیراث كما یعتقدون، ویقول بولس عن مكان النصاری فی أحداث آخر الزمان إننا نحن الباقین أحیاء إلی حین عودة الرب لن نسبق الراقدین. لأن الرب نفسه سینزل من السماء حالما یدوی أمر الجمیع. وینادی رئیس ملائكة ویبوق فی بوق إلهی، عندئذ یقوم الأموات فی المسیح أولا، ثم إننا نحن الباقین أحیاء نختطف جمیعا فی السحب للاجتماع بالرب فی الهواء، وهكذا نبقی مع الرب
[ صفحه 197]
علی الدوام. لذلك عزوا بعضكم بعضا بهذا الكلام. [17] وبهذا الكلام ینتهی الأمر بفوز الیهود بالمیراث الذی كان بولس یرجو من الله أن یحققه. بعد أن وعد به آبائه من بنی إسرائیل. وظلت أسباط الشعب الاثنی عشر تواظب علی العبادة لیل نهار. راجیة تحقیقه. وینتهی الأمر أیضا بالحی النصرانی وسط السحاب فی الهواء، لیملأ كفیه بالسحاب أو بالهواء.
وبعد إلقاء بعض الضوء علی أطروحة بولس داخل الحی النصرانی، نسجل هنا أقوال بعض علماء مقارنة الأدیان، یقول یواكیم برنز لقد كان بولس سباقا إلی قبول فكرة انفصال المسیحیة عن الیهودیة. ومهد بإنشاء العقیدة المناسبة، [18] ویقول د. جوستاف لوبون إن بولس أسس باسم یسوع دینا لا یفقهه یسوع لو كان حیا، ولو قیل للحواریین الاثنی عشر إن الله تجسد فی یسوع ما أدركوا هذه الفضیحة ولرفعوا أصواتهم محتجین، [19] ویقول د. شارل جنیبر رئیس قسم الأدیان بجامعة باریس لقد تجاهل بولس فكرة عیسی الناصری ولم یتجه إلا إلی عیسی المصلوب، فتصوره شخصیة إلهیة تسبق العالم نفسه فی الوجود. رجل سماوی احتفظ الله به إلی جانبه، أمدا طویلا، حتی نزل إلی الأرض لینشئ فیها حقا لبشریة جدیدة یكون هو دمها، وهذه العقیدة تنتهی إذا سمح لنا باستخدام هذا التعبیر. إلی ثمرة تبعث كثیرا علی الاستغراب. هی أن عیسی یصور لنا ابنا لله. ولكن فكرة الله بالنسبة لبولس تدخل ضمن میراثه من العقیدة الیهودیة، فكیف إذن یتأتی تصور أن یكون لله ابن. وهذا لا یمت بصلة إلی العقیدة الیهودیة، [20] ویقول
[ صفحه 198]
الكردنال دانیلو: إن المسیحیین المخلصین یعتبرون بولس خائنا، وتصفه وثائق مسیحیة بالعدو. وتتهمه بالتواطئ التكتیكی. [21] .
وبولس قام بالتعتیم علی نبوة الرسالة الخاتمة. من خلال تصوره لعقیدة میراث بنی إسرائیل. بمعنی أنه تتبع المیراث من عند بدایته. ومن عند البدایة ضرب الخط الذی یبعث الله منه النبی الخاتم صلی الله علیه وآله وسلم. والوعد جاء ذكره فی التوراة علی النحو التالی فی ذلك الیوم قطع الرب مع إبرام میثاقا قائلا: لتلك أعطی هذه الأرض من نهر مصر إلی النهر الكبیر نهر الفرات. [1] .
ویقول بولس فی هذا الوعد فإنه قد كتب إن إبراهیم كان له إبنان. أحدهما من الجاریة. والآخر من الحرة. أما ابن الجاریة فقد ولد حسب الجسد. وأما ابن الحرة فإتماما للوعد [2] وابن الجاریة الذی یقصده بولس. هو إسماعیل بن إبراهیم علیهما السلام وأمه هاجر علیها السلام. ومن ذریته بعث النبی الخاتم صلی الله علیه وآله وسلم. أما ابن الحرة الذی یقصده بولس. فهو إسحاق بن إبراهیم علیهما السلام. وأمه سارة علیها السلام، ومن أبنائه یعقوب ومن ذریته بعث الله أنبیاء بنی إسرائیل علیهم السلام.
[ صفحه 193]
وبولس وهو یصیغ منهجه للتعتیم علی النبوة الخاتمة، راعی أن یكون الحی النصرانی خادما للحی الیهودی، بمعنی أنه قام بتحویل الدعوة المسیحیة من السیر إلی الأمام إلی السیر نحو الخلف بلا سراج ینیر، حتی تقف المسیرة عند الوراء أمام لوحة میراث بنی إسرائیل، ولا تملك المسیرة إلا أن تكون خادمة لهذا العنوان، وعلی امتداد هذه الخدمة یتم صحن كل شئ فی خدمة الحی الیهودی بما فی ذلك آیات التبشیر بالنبوة الخاتمة.
لقد جرد بولس الحی النصرانی من الشریعة التی یتمسك بها الحی الیهودی، وعلی هذا یصبح لا معنی وراء اعتناق الیهودی للنصرانیة التی حررها بولس من الشریعة، ولأن النصرانیة التی أسسها بولس تعمل تحت سقف الحی الیهودی. فإن وجود النصاری تحت هذا السقف یكون له معنی بأی صورة من الصور، وبولس نفسه یقول لی رجاء بإن یحقق الله ما وعد به آباءنا. وما زالت أسباط شعبنا الاثنی عشر تواظب علی العبادة لیل نهار راجیة تحقیقه. [3] وقد علمنا من قبل أن الأسباط الاثنی عشر تخص الحی الیهودی، وأن التلامیذ الاثنی عشر یخصوا دعوة المسیح فإنهم ذلك.
ودفع القافلة النصرانیة لخدمة الأهداف الیهودیة. نراها فی أصول بولس التی تتحدث عن المیراث وتضرب من خلاله آیات التبشیر بالنبوة الخاتمة. ومن ذلك قوله قد سمعتم بتدبیر نعمة الله الموهوبة لی لأجلكم. كیف كشف لی السر عن طریق الوحی. كما كتبت قبلا بإیجاز. ویمكنكم حینما تقرأون ما كتبته أن تدركوا اطلاعی العمیق علی سر المسیح. ذلك السر الذی لم یطلع علیه بنو البشر فی الأجیال الماضیة مثلما أعلن اللآت بوحی الروح لرسله القدیسیین وأنبیائه، وهو:
[ صفحه 194]
أن الأمم هم شركاء الیهود فی المیراث وأعضاء فی الجسد معهم. ولهم أیضا حق الاستفادة من الوعد. وذلك فی المسیح یسوع. وبفضل الإنجیل الذی صرت أنا خادما له. [4] .
فالسر العمیق بإیجاز شدید. هو أن الأمم الذین هم بلا شریعة.
یمكن أن یكون لهم نصیبا فی المیراث إذا وقفوا مع النصاری وهم أیضا بلا شریعة. تحت سقف المسیح الذی حرر الناس من لعنة الشریعة إذ صار لعنه عوضا عنهم. لأنه قد كتب: ملعون كل من علق علی خشبة.
فلكی تصل بركة إبراهیم إلی الأمم. لا بد أن یكون ذلك عن طریق قبول المسیح. [5] وقبول المسیح من شروطه قبول الإنجیل الذی صار بولس خادما له. ومن المعلوم أن بولس لم یصاحب المسیح علیه السلام ولم یشر فی رسائله أنه رآه أو تحدث معه أو شاهد معجزاته علی عهد ا لدعوة.
ولما كان الیهود علی امتداد مسیرتهم یتمسكون بعقیدة الشعب المختار أی الشعب ذو الدماء النقیة الذی یرث الأرض التی كتبها الله لإبراهیم، فإن بولس ألحق النصاری بنسل إبراهیم ولكن عن طریق آخر هو طریق الروح، فقال وقد وجهت الوعود لإبراهیم ونسله. ولا یقول وللأنسال كأنه یشیر إلی كثیرین، بل یشیر إلی واحد، إذ یقول ولنسلك یعنی المسیح [6] ثم یقول لاتباعه وهو یلحقهم بنسل المسیح وأما أنتم أیها الأخوة، فأولاد الوعد علی أمثال إسحاق، ولكن لما كان فی الماضی المولود بحسب الجسد یضطهد المولود بحسب الروح، فكذلك أیضا یحدث الآن، إنما ماذا یقول الكتاب؟، اطرد الجاریة
[ صفحه 195]
وابنها. لأن ابن الجاریة لا یرث مع ابن الحرة. إذن أیها الأخوة نحن لسنا أولاد الجاریة بل أولاد الحرة. [7] .
ولقد خلط بولس بین الأوراق عندما قال: ولفظة هاجر. تطلق علی جبل سیناء فی بلاد العرب، وتمثل أورشالیم الحالیة فإنها مع بنیها فی العبودیة، وأما الثانی. فرمزه الحرة التی تمثل أورشالیم السماویة.
التی هی أمنا. [8] .
فمنهج بولس فیما یختص بالمیراث، أثبت للیهود الحق فیه، لأنهم أولاد یعقوب بن إسحاق، وهم أصحاب شریعة موسی والأنبیاء، والحی النصرانی له الحق فی الوعد علی أمثال إسحاق. لأنه ینتسب إلی المسیح بالروح. كما یقول الإنجیل الذی صار بولس خادما له، والحی الیهودی مع الحی النصرانی فی عقیدة بولس. لا یمثلان أورشالیم التی یتجول فیها بولس وجمیع فرق بنی إسرائیل. فأورشالیم التی لعن الله أهلها الذین قتلوا الأنبیاء وجعلوا بیته فیها مغارة لصوص، وجاءتها البعوث من كل مكان لتدمر ما فیها وتسبی أهلها. بعد أن عبدوا البعل وأقاموا المرتفعات للآلهة المتعددة، أورشالیم هذه لا تخص إلا هاجر وولدها إسماعیل وذریته العربیة كما تقول عقیدة بولس، أما ما یخص بولس وأتباعه فهی أورشالیم السماویة. أورشالیم الجدیدة التی جاء ذكرها فی أسفار الأنبیاء كما ذكرنا. ومن أوصافها أرضها مربعة طولها یساوی عرضها. وهی متساویة الطول والعرض والارتفاع. [9] وقال مفسرو العهد الجدید: هی مكعبة، ولن یدخلها شئ نجس ولا ما
[ صفحه 196]
یصنع رجاسة أو كذب. [10] وأرضها أرض جدیدة لا بحر فیها. [11] .
ویطل علیها جبل ضخم عال. [12] ولا یوجد بها هیكلا،. [13] وبنزول أورشالیم من عند الله یكتب الله علیها اسمه الجدید. [14] ویصیر بیت الله وسط الناس. [15] وذكر سفر الرؤیا أن المبعوث إلی أورشالیم الجدیدة هو الشاهد الأمین الصادق. [16] .
ففی عقیدة بولس أن أورشالیم هذه لا تخص هاجر وولدها. وإنما تخص بولس وأتباعه (!!). ونتیجة لخلط الأوراق حدث الضلال علی امتداد المسیرة، ولم یجنی الحی النصرانی إلا السراب الذی لا یروی ظمأ ولا یسمن ولا یغنی من جوع، وبتأمل أحداث آخر الزمان نجد أن المسیرة النصرانیة التی زودها بولس بوقوده لتكون فی خدمة الأهداف الیهودیة، ستكون معلقة فی الهواء. حیث لا أرض طالت ولا سماء، بینما یكون الیهود فی هذا الوقت تحت قیادة أمیر السلام ابن داوود ینعمون بما لدیهم من مادة ومیراث كما یعتقدون، ویقول بولس عن مكان النصاری فی أحداث آخر الزمان إننا نحن الباقین أحیاء إلی حین عودة الرب لن نسبق الراقدین. لأن الرب نفسه سینزل من السماء حالما یدوی أمر الجمیع. وینادی رئیس ملائكة ویبوق فی بوق إلهی، عندئذ یقوم الأموات فی المسیح أولا، ثم إننا نحن الباقین أحیاء نختطف جمیعا فی السحب للاجتماع بالرب فی الهواء، وهكذا نبقی مع الرب
[ صفحه 197]
علی الدوام. لذلك عزوا بعضكم بعضا بهذا الكلام. [17] وبهذا الكلام ینتهی الأمر بفوز الیهود بالمیراث الذی كان بولس یرجو من الله أن یحققه. بعد أن وعد به آبائه من بنی إسرائیل. وظلت أسباط الشعب الاثنی عشر تواظب علی العبادة لیل نهار. راجیة تحقیقه. وینتهی الأمر أیضا بالحی النصرانی وسط السحاب فی الهواء، لیملأ كفیه بالسحاب أو بالهواء.
وبعد إلقاء بعض الضوء علی أطروحة بولس داخل الحی النصرانی، نسجل هنا أقوال بعض علماء مقارنة الأدیان، یقول یواكیم برنز لقد كان بولس سباقا إلی قبول فكرة انفصال المسیحیة عن الیهودیة. ومهد بإنشاء العقیدة المناسبة، [18] ویقول د. جوستاف لوبون إن بولس أسس باسم یسوع دینا لا یفقهه یسوع لو كان حیا، ولو قیل للحواریین الاثنی عشر إن الله تجسد فی یسوع ما أدركوا هذه الفضیحة ولرفعوا أصواتهم محتجین، [19] ویقول د. شارل جنیبر رئیس قسم الأدیان بجامعة باریس لقد تجاهل بولس فكرة عیسی الناصری ولم یتجه إلا إلی عیسی المصلوب، فتصوره شخصیة إلهیة تسبق العالم نفسه فی الوجود. رجل سماوی احتفظ الله به إلی جانبه، أمدا طویلا، حتی نزل إلی الأرض لینشئ فیها حقا لبشریة جدیدة یكون هو دمها، وهذه العقیدة تنتهی إذا سمح لنا باستخدام هذا التعبیر. إلی ثمرة تبعث كثیرا علی الاستغراب. هی أن عیسی یصور لنا ابنا لله. ولكن فكرة الله بالنسبة لبولس تدخل ضمن میراثه من العقیدة الیهودیة، فكیف إذن یتأتی تصور أن یكون لله ابن. وهذا لا یمت بصلة إلی العقیدة الیهودیة، [20] ویقول
[ صفحه 198]
الكردنال دانیلو: إن المسیحیین المخلصین یعتبرون بولس خائنا، وتصفه وثائق مسیحیة بالعدو. وتتهمه بالتواطئ التكتیكی. [21] .
[1] تكوين 15 / 18 - 20.
[2] غلا 4 / 22 - 24.
[3] أعمال الرسل 26 / 6 - 8.
[4] إفسوس 3 / 3 - 7.
[5] غلا 3 / 13 - 14.
[6] غلا 3 / 15 - 17.
[7] غلا 4 / 18 - 31.
[8] غلا 4 / 25 - 26.
[9] رؤيا 21 / 16.
[10] رؤيا 21 / 27.
[11] رؤيا 21 / 1.
[12] رؤيا 21 / 10.
[13] رؤيا 21 / 22.
[14] رؤيا 3 / 3.
[15] رؤيا 21 / 3.
[16] رؤيا 3 / 3 - 20.
[17] تسالونيكي 4 / 16.
[18] باباوات من الحي اليهودي / يواكيم برنز ص 74.
[19] حياة الحقائق / جوستاف لوبون ص 187.
[20] المسيحية ونشأتها وتطورها / شارل جنيبر ص 105.
[21] حقيقة التبشير / أحمد عبد الوهاب ص 59.